رشا ẪĎμϊή
عدد الرسائل : 202 العمر : 42 تاريخ التسجيل : 06/02/2009
| موضوع: الصـــراع بين النــفس والمالـــــــ(1)ــ الإثنين أبريل 27, 2009 2:01 am | |
|
اولا : الغنى فى القناعة
صدق الله العظيم اذ يقول
(من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها مانشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا ومن اراد الاخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محذورا أنظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللاخرة اكبر درجات وأكبر تفضيلا)
عندما نطالع ايات الله ونصافح كلماته فى كتابه ونتعبد
بتلاوته نطالع دروسا ونفوسا . نعم ما اجمل القرآن إذا عرض الدروس على النفوس واستخلص العواقب واستنتج العبر إنه الكلام الوحيد الذى نلتمس فيه الحكمة البالغة والعبرة النافذة التى لا نجد لها تفسرا أعظم من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأستمع اليه صلى الله عليه وسلم وهو يقول فى هذا المجال الذى نحن بصدده
((ارض بما قسمه الله لك تكن أغنى الناس))
وأمامنا فى هذا المجال بعض المواقف فى القرآن الكريم نتبين منها عبرة الحياة ,ونستخلص فيها نتائج الدنيا إذا اخترقت مجال اليدين الى مجال القلب وتربعت فيه هنا تكون الهاوية وما ادراك ما هى نار حامية .
الدرس الاول
ما ذكره القرآن عن هذا الحبر الكبير الذى عرف فى بنى اسرائيل بعلمه الغزير والذى قضى ايامه ولياليه بجوار كليم الله موسى حتى جاء اليوم الذى ارسله فيه نبى الله موسى مبعوثا ليبلغ امر الله الى اهل مدين وذهب اليهم بقلب نقى ووعظهم واستمعوا له بآذانهم ولسان قلوبهم يقول : سمعنا وعصينا بدلا من ان يقولوا سمعنا واطعنا , ووصل الحبر مواعظه وارشاداته وواصلوه هم خداعه وإغراءه بالمادة وعرض زينة الحياة الدنيا عليه حتى سألوه يوما : كم يعطيك موسي لقاء ما تبذل من جهد فى تبليغ هذه الرسالة:إنما أقصد الاجر من الله . قالوا : فإن أموالنا كثيره ولن نبخل بها عنك فى سبيل ألا نسمع منك شيئا حتى لا تفسد علينا بيعنا وشراؤنا ، وفكر العالم كثيرا وتردى فى صراع عنيف حتى وصل مجال انعدام الوزن عندما سأل نفسه : موسى أم المال ؟ الله أم الشيطان ؟ الدنيا أم الا خره ؟ وأخيرا هداه هواه إلى إختيار المال والشيطان والدنيا فزلت قدمه بعد ثبوتها وأصبح فى الأرض حيران استهوته الشياطين فهوى بعد أن أتبعه الهوى تمرغ فى طين الأر ض بعد ما تربع على قبه الفلك إن هذا العالم هو " بلعام إبن ذباعورا " عالم بنى اسرائيل الذى قص الله علينا قصته فى سوره الاعر اف حيث قال الله لرسوله صلى الله عليه وسلم
((واتل عليهم نبأ الذى آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد الى الارض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث او تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون ساء مثلا القوم الذين كذوا باياتنا وانفسهم كانوا يظلمون))
فتامل معى ما احتوى هذا المشهد القرآنى من اسرار وعجائب انه نبأ ولا يستعمل القرآن لفظ النبأ الا اذا كان المقام خطيرا والخبر عظيما جليلا فما بالك برجل آتاه الله اياته وآيات الله يكفيها شرفا إنها نسبت الى الله وأضيفت اليه تذهب النفس كل مذهب فى تفسيرها وتفصيلها وبيانها فقد
اشتملت على الحكم الالهية والمواعظ والارشادات والتوجيهات الربانية فماذا حدث هل تركها؟هل ابتعد عنها؟ كلا لو كان الامر كذلك لجاز ان يعود اليها بعد زمان طال او قصر لكن القرآن اعطى معنى يدل على ان العودة بالنسبة اليه محال قال تعالى((فانسلخ منها)) فما معنى الانسلاخ؟؟ ان السلخ فى الاصل كشط الجلد عن اللحم وهو يعطينا انه لا عودة فكما ان عودة الجلد الى اللحم بعد سلخه امر محال كذلك عودة هذا الذى أظلم قلبه بحب الدنيا عودته الى ايات الله امر محال لقد كانت الايات بالنسبة اليه وقاية وعناية له من غضب الله كما ان الجلد وقاية وعناية باللحم فلما انسلخ من الايات اصبح عرضة لغصب الله لقد كانت الايات تزينه وتجمله فلما انسلخ منها اصبح مشوها دميم المنظر قميئا فماذا كانت النهاية؟؟ كانت النهاية ((فكان من الغاوين))
لماذا لم يكن من المغريين انما كان من الغاوين لانه اصبح استاذا فى الغواية دليل ذلك قوله تعالى(( فاتبعه الشيطان)) ولم يقل فتبعه الشيطان اى انه اصبح بعد الضلال والانسلاخ من الايات متبوعا فصار الشيطان له تابعا وهذا يذكر بقول احد الحكماء
وكنت امرءا من جند إبليس فارتقى : بى الحال حتى صار إبليس من جندى
ثم ماذا؟؟قال الله تعالى((ولو شئنا لرفعناه بها)) فمشيئة الله لا يعجزها شىء لكن الله لا يجبر أحدا على فعل شىء
قال تعالى ((واما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى)) فماذا حدث من بلعام قال تعالى
(( ولكنه اخلد الى الارض واتبع هواه ))
وما امر ما بعد لكن اخلاد الى الارض واتباع للهوى. انما عبر القرآن بلفظ اخلد لانه يعطينا معنيين
1- الميل والاطمئنان الى ما مال اليه فهو عندما اخلد الى الارض مال اليها مطمئنا بها وبدلا من ان يقول القرآن اخلد الى الدنيا قال أخلد الى الارض وهذا هو قدر الدنيا وقدر من مال اليها هو فى الهاوية وفى الحضيض فما الدنيا الا ارض تدمر من مال اليها مطمئنا بها قلبه اذا حلت اوحلت واذا كست اوكست واذا جلت اوجلت واذا اينعت نعت وكم من ملك رفعت له علامات فلما علا مات نعم انه اتبع هواه وما الهوى الا نوازع النفس الى مسالك الشر وما اجمل هذا التحذير من الله عندما يقول
((لا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ان الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب))
وما قاله احد الحكماء جدير بالتأمل : من عرف الهوى فقد هوى
وما قاله اخر:: نون الهوان من الهوى محذوفة فاذا هويت فقد لقيت هوانا
ما شأن هؤلاء وما صفاتهم وما حالهم الذين أخلدوا الى الارض واتبعوا هواهم ما حالهم فى الدنيا؟؟ انهم فى تعب دائم وعذاب نفس مستمر قال تعالى(( فمثله كمثل الكلب ان تحمل عليه يلهث او تتركه يلهث))
انه تشبيه لحالهم بالكلب فى اخس حالاته لافى امانته وحراسته انما فى تعبه وشقائه فهو دائما يلهث اى يخرج لسانه ويتنفس بصعوبة فى كل حالاته سواء زجرته وقسوت عليه ام ارحته وعطفت عليه كذلك هؤلاء الذين اتبعوا الهوى واخلدوا الى الارض اذا لم تعطهم الدنيا طلبوها وخطبوا ودها واذا اعطتهم طلبوا المزيد منها ولو كان لاحدهم واديان من مال لابتغى ثالثا ولا يملا جوفه الا التراب
وهذا مثل ضربه الله لكل من كذب بايات الله واخلد الى الارض واتبع هواه وامرنا الله ان نقصه على الناس ليتفكروا ويتذكروا ويعملوا ثم يعقب الله بعد ذلك قائلا((ساء مثلا القوم الذيم كذبوا باياتنا وانفسهم كان يظلمون))
اى ان حال هؤلاء القوم بئس الحال ومثلهم بئس المثل وما ظلمهم الله لان الله بين وارشد فكان منه الايجاد والامداد والارشاد ولكنهم قابلوا ذلك كله بالجحود والانكار والعتو والنفور ((ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب ربنا انك جامع الناس ليوم لا ريب فيه ان الله لا يخلف الميعاد))
وهكذا اخوانى واخواتى انتهى الدرس الاول ولن يطول الكلام اكثر من ذلك وللحديث بقيه فى الدرس الثانى
الى اللقاء إلى الجزء الثاني
مع تحياتى
| |
|