العفة هي التنزه عن الشيء البغيض – وعف عن الشيء يعني تنزهت نفسه وترفعت عنه، والعفة في المجتمع تعني التنزه عن الرذيلة والفحشاء بين الرجال والنساء، واقتصار العلاقة بينهما في حدود الزواج الشرعي الذي يحفظ حق الأسرة ويضمن سلامة وصحة النسل.
وقديما كانت الباغية معروفة بين القوم بممارستها للفاحشة، بمعنى أنها كانت ظاهرة للناس ومعروفة بسوء السمعة.. غير أننا نعيش اليوم زمنا عصيبا تمر به الأمة في مرحلة لتغيير القديم بنظامه الذي أثبت فشله وعدم قدرته على التكييف، وبين التحديث والتطوير الذي بلا شك ترسم صورته أياد كثيرة منها من هو محب لهذا الدين ومنها من يريد تشويهه ومحو الهوية.
ونتيجة للانحلال الأخلاقي الذي نعيشه في تلك الفترة العصيبة، والذي بدأت تظهر نتائجه في تلك القضايا التي أصبحت تكتظ بها أروقة المحاكم لإثبات النسب، وفي الأطفال التي تلفظها بطون الساقطات من بنات مجتمعنا وأسرنا وليس "بطون البغايا" تحت مسمى "غلطت مع صاحبي، زنا عرفي (زواج عرفي)..." هؤلاء الأطفال الذين بات مألوفا أن نراهم في أكياس القمامة أو مراحيض المستشفيات.
وتخرج الفتاة للمجتمع وهي تقول: "غلطت زي ما الشاب اللي معايا غلط وللا عشان أنا بنت أتحمل المسئولية وحدي وهو لا؟".. وفي الواقع الذي يتحمل المسئولية لا الفتاة ولا الشاب الذي أخطأت معه بل يتحملها المجتمع عند اضطراره لإنشاء دور للأيتام وأبناء الشوارع.. وبدلا من أن نقدم زكاة أموالنا لتزويج الشباب أصبحنا مضطرين أن ندفع جزءا منها لتلك الدور حتى ترعى هؤلاء الأطفال.
والعجيب أن تذهب الفتاة اللاهية بعد ذلك لسؤال الشيوخ على الفضائيات: أريد أن أتزوج، ولقد تبت وندمت فماذا أفعل حتى لا أفضح؟ ويجيب الشيخ بروح الدين السمح الجميل الذي من سماته الستر لا تخبري الزوج بما حدث.
وتطير الفتاة بتلك الفتوى الفضائية، وتأتي لطبيب النساء ليعيد لها بكارتها حتى تستطيع أن تتزوج وتقوم بالعملية لتعيش هانئة البال وهي تسمع الإعلام من حولها وهو يقول من حق الفتاة أن تخطئ وتتوب مثل الولد، لا يوجد فرق، ثم تخبر تلك الفتاة من تقع مثلها في المعصية بعد ذلك عن ذلك الطبيب الذي أجرى لها تلك العملية وتطمئنها أن الحكاية سهلة و"هتعدي".
وهنا تضيع الحقوق ويشك الشاب في الفتاة ويفقد المجتمع روح الاحترام والثقة المتبادلة بين قطبيه. فكيف ينهض مجتمع يعيش على الكذب والغش؟ كيف نعلم أبناءنا الفضيلة وهم يرون المعصية سهلة والخروج منها ببعض المال فقط؟.